Menu

أحمد سعدات: رمز الكفاح الفلسطيني.. وأيقونة الصمود

د. موسى العزب

عندما وقف الرفيق أحمد سعدات بمهرجان جماهيري، بعيد اغتيال الشهيد القائد أبو علي مصطفى ، يتوعد القتلة؛ العين بالعين، والسن بالسن والرأس بالرأس، كان يدرك أهمية القيام بالرد النوعي على الاغتيال الجبان، ويقول بأنه مستعد لتحمل الثمن المدفوع.

القائد سعدات نموذج القائد الصلب الألمعي، يمتاز بوعي عميق بطبيعة الصراع مع العدو، وصراع البشرية ضد العدوانية الإمبريالية الصهيونية، وموازين القوى في المرحلة المحددة، ولكنه يحمل ثقة مطلقة بعدالة القضية وحتمية الانتصار الإستراتيجي.

قبل اغتيال الشهيد أبو علي الأمين العام للجبهة الشعبية، قامت "إسرائيل" باغتيال عددا من قيادات الصف الأول الفلسطيني بشكل مكشوف وبلطجي وفج، وعندما لوح القائد سعدات بقبضته، كان قد أخذ قراره بالإطاحة برأس قيادي كبير للعدو، ثم بإعلان الجبهة تبنيها رسميا مسؤولية الإجهاز على زئيفي، كانت ترسل عدة رسائل قوية وواضحة..

ارتأت الجبهة بأن من يريد أن يصون كرامة الوطن والشعب وفصائله المقاومة، عليه أن يكرس تراكما لردع العدو.. كان بإمكانها ان تقوم بتنفيذ حكم الإعدام بالوزير الصهيوني دون أن تعلن، ولكن ذلك لن يفيد سياسيا ونضاليا، لا على المستوى الشعبي ولا حتى على المستوى النضالي. ليست القضية ثأرا شخصيا فقط، وإنما هي تعبير عن المسؤولية العالية في حماية المقاومة وقيادتها ومناضليها.. تدرك الجبهة بأن الرد بعيد المدى، يجب ان يكون في الاستمرار بالمقاومة وتصعيدها وهزيمة العدو، ولكنها كانت تدرك أيضا بأن بعض العمليات الإجرامية النوعية، يجب الرد عليها بصورة نوعية تجعل العدو يفكر كثيرا قبل تكرارها.

القائد سعدات بخصاله الثورية وميله الكبير للإيثار والتضحية، تحمّل مسؤولية العملية بشكل كامل، هو القائد، وعليه أن يسير في المقدمة حتى يتبعه جنوده، وعندما يكون في المقدمة في المهام الكبرى، يسبغ على الإنجاز رمزية عالية، ويحقق أهم الأهداف المعنوية والسياسية من هذا الإنجاز.

لقد أثبت هذا القائد الفذ، بانه يقدم الحد الأقصى من العطاء في أي موقع او مهمه توكل إليه، وهو بذلك نال ثقة رفاقه واحترامهم، وثقة ومحبة كل من تواصل معهم من الحلفاء والأصدقاء. للقائد سعدات تجربة اعتقاليه متراكمة سابقة، وفي تجربته الأخيرة أثبت مرارا بانه بطل المهام الصعبة والظروف القاهرة.

وسط احترام رفاقه والتزامهم، استمر يقود الجبهة سياسيا ونضاليا من داخل السجن، وهناك ورغم قضائه فترات طويلة في العزل المنفرد، واصل لعب دوره الوطني في تثوير الحركة الأسيرة وتعزيز الوحدة الوطنية على أرضية البرنامج الوطني المقاوم، واندفع بشكل متواصل مع عدد من الرموز البطلة وراء القضبان، ليزج بإرادة وطاقات الأسرى لإسعاف المقاومة وإحماء النضال الوطني في فترات تقاعسه وترهله وضياع بوصلته، فكان يسهم مع رفاقه وإخوانه، بإعادة النقاء والألق والتعافي لروح المقاومة وإرادة النضال.

هناك في المعتقل وخلف القضبان، يقف خلف متراسه الصامد، أحد أبناء الشعب الفلسطيني وحركة التحرر العربي، الأكثر نزاهة وصلابة ووعي وإخلاص، القائد أحمد سعدات، ومعه ومن حوله، قادة وكوادر مخلصين مجربين، يقودون نضالا وطنيا هاما ومصيريا بأدوات نضالهم المتوفرة، فيضربون عن الطعام في حالة من صراع الإرادات المتواصل.. واجبنا أن نكون معهم ونسير خلفهم، ونضالهم ليس سوى جزء من نضال الشعب الفلسطيني لحريته واستقلاله، ونضال الشعوب العربية ضد المشروع الأمريكي الصهيوني بتفتيت المنطقة والسيطرة عليها.